ايقاعات من زمن الحرب

ايقاعات من زمن الحرب

الايقاع الاول

المكان:براد في مستشفى الكرنتينا

الزمان:الساعة الخامسة والعشرون

الاشخاص:جثة رقم (1)

جثة رقم (2)

جثة رقم (1):حقا ان ما تقوله لمؤسف يا عزيزي....لكن تصور ما حصل لي انا.

انا انسان اؤمن منذ طفولتي بالله وجميع رسله وانبيائه.لكنهم قتلوني لانه هويتي تنتمي الى طائفة معينة.

جثة رقم (2):ماتزال قصتك اهون من قصتي فأنا قتلت على أيدي ابناء طائفتي لان اسمي ينتمي الى الطائفة

الاخرى...ولاسمي هذا قصة فقد كانت والدتي تنجب اطفالا لا يعيشون.واثناء حملها بي نذرت ان تسميني باسم

احد انبياء الطائفة الاخرى...مسكينة لو كانت تعرف ان هذا الاسم بالذات سيكون سببا لموتي عندما اصبح شابا

لفضلت موتي طفلا رضيعا ابن ايام.

جثة رقم(1):ها..ها..ها..حقا ان قصتك مضحكة لكن لماذا لم تشرح لهم قضيتك؟

جثة رقم (2):اشرح لهم؟ وهل أعطوني وقتا لاشرح لهم.انهم لم يقرأوا سوى اسمي ولو تابعوا قراءة بطاقة هويتي

لاكتشفوا انني من طائفتهم.لكن الشرر كان يتطاير من عيونهم انهم وحوش...وحوش كاسرة.

جثة رقم(1):ألا تظن اننا كأموات سعداء أكثر مما كنا أحياء بينهم؟ ألا توافقني بأنهم اكثر الشعوب تخلفا وان الرحيل

عنهم الى الابد أفضل من العيش معهم؟

جثة رقم (2):عند حق.الموت افضل من العيش مع الحقارة والقبح،ومن الموت البطيء الذي كنا نعانيه كل يوم.

جثة رقم(1):اسمع سأبوح لك بسر لكن أرجوك لا تنظر الي...بل لا تنظر الى جهتي اطلاقا...

جثة رقم (2):...

جثة رقم(1):لقد قطعوا لي اطرافي،وأعضائي جميعها...تصور انا الان جثة دون اطراف،تصور جثة ناقصة.كتلة مكورة

على نفسها.ترى ماذا فعلوا بأطرافي؟ لكن أرجوك لا تنظر الي!!!

جثة رقم (2):لا ترهق نفسك فانا لن أنظر اليك لسبب بسيط وهو انهم قد اقتلعوا لي عيني !!!

<blockquote class="postcontent restore"> الايقاع الثاني:

خطفوا له ابنه ...فخطف اثنين واتصل بالمسؤولين عنهما يقول:سأقطع رأسي رهينتي اذا لم تعيدوا لي ولدي.

بعد نصف ساعة أتوا له بابنه.

صرخ الرجل:هذا ليس ولدي...

ولدي كان رقيق الشفتين..فمن أين اتته هذه الشفة الضخمة المتدلية...

وهاتان اليدان، ليستا يدي ابني... عندما كان طفلا كنت العب معه لعبة (يا باح باح ...يا عرق التفاح) وكنت اعد له اصابع يديه.كانت عشرة.كل كف فيه خمسة

اصابع.

هذا ليس ولدي..انه دون اصابع.

وشعره اين شعره؟ فقد كان جميلا ناعما كالشلال كان كثيفا...وقد طرد مرة من المدرسة لطول شعره فمن اين اتيتم لي بهذا الاقرع المشوه؟؟

ظهره..وكتفاه...من حفر فيها هذه الاشارات؟

أجابوه:خذه وكفى ثرثرة خذ هذا ايصال بالرهينتين خاصتنا.ألم تطلب ايصالا بهما؟ هاك الايصال ! فقد استلمنا البضاعة...مابك؟ الم يعجبك نص الايصال؟ اقرأه

جيدا..

(نحن الموقعين أدناه...ممثلي الجهة الفلانية نفيد اننا استلمنا من السيد فلان الفلاني رهينتين اثنتين فقط لا غير... وذلك كبديل لابنه.وقد أعاد لنا البضاعة

دون زيادة او نقصان ...)

ماذا تقول؟ بضاعتك ناقصة ؟تنقصها الاصابع؟...

والشعر..وهي مشوهة؟عجيب امرك يارجل...انت تطلب المقايضة ثم تعود لتعترض وتقول انها غير عادلة... من طلب منك ان تكون عادلا؟؟

كان باستطاعتك تشويه رهينتيك ...نحن لن نطلب منك شيئا...

فخذ بضاعتك وامش. </blockquote>

الايقاع الثالث:

اسير محاطة بأرصفة مزروعة ببصمات الجثث.. تحت سماء عبقة برائحة البارود، يتطاير حولي الذباب مكتنزا لوفرة المقامة على شرفه...

اسمع نداء للتبرع بالدم.

اركض..بجنون اقود سيارتي .. اريد تلبية النداء.

اسير في زقاق ضيق.افاجأ بسيارة تأتي عكس اتجاهي في الاتجاه الممنوع.

الزقاق لا يتسع لسيارتين.اقف.انتظر.يصرخ بي الرجل:

ارجعي الى الوراء (واسمع قهقهة نساء من السيارة).

لا اتحرك..لانني لا استطيع.يعود ويصرخ:ألم تسمعي عودي الى الخلف.. اريد ان أمر.

اجيبه:لا استطيع الشارع ضيق والى جانبي حفرة اخاف ان انزلق فيها(تقهقه نساء السيارة).

كرش الرجل يرتج...يكاد يلامس مقود سيارته.

اصابعه كالمقانق تشير نحوي..يصرخ بي:

(انت انسانة دون فهم..حمارة..كنت دائما اقول النساء لا يصلحن لشيء اللعنة على من علمك قيادة السيارة)..تقهقه نساء السيارة.

حرب وجثث ونداء للتبرع بالدم ورجل ذو كرش يشتم...ونساء معه تقهقهن.

يصعد القرف الى حنجرتي..احس ألما في عقلي... دماغي ينزف غيظا ... اشعر ان دمي قد مصل..واحس اني بحاجة الى اطنان من الدم تعيد الي

انسانيتي...

</blockquote>

<blockquote class="postcontent restore"> الايقاع الرابع:

المدينة تتلوى...

الرجال مصلوبون على ابواب البنايات،على ابواب المؤسسات.

البنايات فخمة والمؤسسات حديثة..

على الواجهات اسياخ مصفوفة ...

آلات استخدمت حديثا لشوي البشر.

تدور الاسياخ..تدور..ويدور معا الرجال...كالفراريج يحمرون.

ايديهم ممدة ترسم شكل الصليب والاسياخ تتابع دورانها معرضة هنيهة بعد هنيهة كل قسم من الاجساد بدوره للهب المشتعل.

ثم تخف حركة الدوران تخف ثم تعاود الاسياخ سيرتها الاولى وتجن في دورانها،ترقص على انغام موسيقى صاخبة.الاجساد مصلوبة ترقص.السنة اللهب ترقص.

وهناك في طرف المدينة كان سيدالقصر مع صحبه...

كانوا ثلاثة:

الاب والابن

الاب والابن

الاب والابن

ثلاثة رجال واولاد ثلاثة لهم.يتبادلون الانخاب..ينتشون برائحة الشواء البشري ويتبادلون الوعود...منتظرين نهاية الرقصة.

وفجأة تجن الاسياخ...تجن وفي غمرة جنونها تتفلت ضاربة رقاب الثلاثي المثلث:الاب والابن،الاب والابن،الاب والابن...

قصص من مجموعة قصصية للكاتبة وصال خالد اخترتها لكم واتمنى ان تنال اعجابكم. </blockquote>

شكرا لك قصص رائعة تبرز لنا حال امتنا خصوصا الاولى منها والثانية اعجبنتني صياغتهما
بارك الله فيك وننتظر المزيد من طيب عودك الجميل

شكرا لك اخي حسن انا تعبت في كتابتها والله لاني نقلتها بيدي اعجبتني كثيرا