السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المقدمة :
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
تناولت في هذا البحث البسيط نشأة البحث تطورا وتاريخا حتى أصبحت علما له قواعده وضوابطه وقوانينه ,على يد الشيخ الجليل عبد القاهر الجرجاني .مستعينة بتقسيمات (د. شوقي ضيف) للمراحل التاريخية التي مرت بها البلاغة حتى عصرنا الحاضر مبتدئه بمرحلة النشأة المتمثله بالعصر الجاهلي , وصدر الاسلام , والعصر الأموي .يتخللها الظواهر البلاغية التي توضح ان البلاغة في أصلها فن وسليقة وطبع تطبع وتفنن به العرب ,وبرعوا فيه حتى تحداهم الله بما برعوا فيه وأنزل القران الكريم . ومن كونها طبيعة وفن اصبحت علم مبهر على يد علماء أفذاذ في مرحلة النمو في العصر العباسي رغم عدم استقلاله عن بقية العلوم المستمدة من القران الكريم كإعجاز القران ,وعلم القراءات , والتفسير , وعلم النحو.
فكان كتابي الجاحظ (البيان والتبيين ) و(الحيوان) نواة التألق في اكتشاف هذا العلم الجليل وظهر أول كتاب يختص في علم البلاغة على يد ابن المعتز يزينه الذوق العربي الأصيل والحس البلاغي المبهر ,مخاطبا مشاعرنا وعقولنا متفننا بكل مأوتي من رهافة الحس والوجدان, ليظهر لنا هذا العلم بثوب الفن والإبداع . حتى تشكل واستقل على يد الشيخ عبد القاهر الجرجاني الذي قننه وقعده وفنده وشرحه وجعله علما بلغ به الشرف الى أعلى درجاته, لتكون مرحلة الازدهار لعلم البلاغة, مؤسسا علمي المعاني والبيان . ثم كانت مرحلة الجمود والتقعيد على يد أبي يعقوب السكاكي الذي قعد وقنن وقسم علم البلاغه من خلال نظرته المنطقية البحته ليصل به من الجمال الذوقي الى الحدود المقيده لهذا الجمال , وساد هذه المرحلة الشرح تارة والتلخيص دون ان ياتي احد من علماء هذه المرحلة بجديد حتى عصرنا الحاضر .
وأسأل الله ان اكون وفقت بهذا البحث سائلة الله عز وجل ان يكون العمل متقبلا خالصا لوجهه تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
البلاغة مثل أي علم من العلوم لم يكن وليد اللحظه بل مر بمراحل عديده ,حتى اكتمل ونضح واصبح بفضل علمائها علما مكتملا مستقلا قائما بحد ذاته له قواعده وضوابطه وقوانينه, حتى يتسنى لنا كيف نكون لدينا هذا العلم الجليل لابد لنا من معرفة مراحله معرفة واضحه بينه ونقد تيسير لي هذا التقصير المبسط .
المبحث الأول
(نشأة البلاغة )
أمتدت هذه المرحلة من العصر الجاهلي حتى بداية القرن الثاني ومن المستحسن ان نتحدث فيها العصور
الثلاثة الجاهلي وصدر الاسلامي والعصر الأموي.
العصر الجاهلي:
عرف العرب ببلاغتهم وفصاحتهم وقد بلغوا في الجاهلية مبلغا عظيما من البلاغة والبيان صور ذلك القران في مواضع كثيرة دلالة على هذه البلاغة والفصاحة (الرحمن () علم القرآن () خلق الإنسان () علمه البيان ()) 1 (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ) ..... ({فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد}) 3...
((وقد كانت معجزة الله مما برع به قوم النبي صلى الله عليه وسلم ليؤمنوا به ويعلموا انه من لدن عزيز حكيم. فقد اتسمت البلاغة في هذا العصر بالاعتماد على الطبع والسليقة تارة وعلى الدربه والتثقيف تارة اخرى فقد اشتهروا بالفصاحه والبلاغة والتمتع بسلامة الذوق في معاني الكلام من اختيار للالفاظ وايجادة التصوير كما اشتهروا بالابتعاد عن فضول القول والحشو والاسهاب)).4
وقد كان العرب يهتمون بشعرهم اهتماما كبيرا فلم تكن القصيده تخرج من صاحبها إلا بعد مضي حولا كاملا من التنقيع والتعديل وتخير الالفاظ المناسبة حتى تخرج القصيده محكمة بالغة الجودة في البيان والتأثير بالنفوس وكانت تسمى هذه القصائد بالحوليات لأنها لاتخرج إلا بعد مضي حولا كاملا وكذلك عرفت بالمنقحات لتنقيحها مما قد يشوبها او المحكمات لإحكامها احكاما قويا.
وقد كان يفعل الشاعر ذلك حتى يعد شاعرا فحلا يشيع ذكره وتفتخر به قبيلته ومما يدل على اهتمامهم بلغتهم تلقيبهم لشعرائهم القابا تدل على مدى إحسانهم في رأيهم مثل المهلهل والمرقش والنابغة والافوة وغيرهم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) (الرحمن: 1)
(2) ﴿ البقرة : ٢٠٤)
(3) .[سورة الأحزاب ، الآية : 19 ]
(4) شوقي ضيف : البلاغة تطور وتاريخ